إضافة إلى دورها الرئيسي والأهم في فرز الرئيس الممسك أو بالأحرى سيمسك بدواليب السلطة التنفيذيّة وفق القوانين الضابطة لشروط الترشّح وسير الحملات الإنتخابات دون أن تغفل أصول الإقتراع ومن ذلك كلّه تقديم الفائز ليؤدّي دوره إلى حين تنظيم الإنتخابات التي تليها، تلعب الإنتخابات الرئاسيّة التي ستدور في الجزائر دورًا ثانيا وإن كان غير ثانويّا، على إعتبارها القاعدة التي قام وسيستمّر على أساسها أوسع توافق ممكن بين الأقطاب التي يمثّلها المرشّحون الثلاث ضمن الواقع السياسي في الجزائري.
قد يختلف المراقبون للشأن السياسي في الجزائري، بخصوص حجم تمثيل كلّ من المترشحين الثلاث للعائلات التي ينتمون إليها لكن من الأكيد وما يحتمل الجدل أو النقاش أو التباين بين المراقبين عدم أهميّة هذا الهامش أو هو بنسبة لا تعني شيئا بمفهوم الشروط المعمول بها عن قراءة أي مشهد سياسي في أيّ دولة في العالم.
الإنتخابات أو بالأحرى عمليّة الإقتراع سينتهي أمرها أو سينتهي بها الأمر إلى تقديم فائز منذ الدور الأول وقد يكون اللجوء إلى دورة ثانية تفضي إلى فائز، لكن مخرجات هذه العمليّة الإنتخابية أبعد من تأدية الدور الرئيسي لها، أي الخروج بفائز أوحد، إلى السير بالبلاد والعباد نحو توافق أوسع ما يكون بشأن الخيارات الإستراتيجيّة التي أقدمت عليها الجزائر الحديثة، على الأقلّ منذ الحراك الشعبي، ليتوضّح لعموم الفاعلين السياسيين والقوى الفاعلة ضمن المجتمع السياسي الدائرة الفاصلة، ومن ثمّة عموم الشعب الجزائري، في وضوح لا تشوبه شائبة، الفاصل أو هو الحدّ (بالمفهوم الأعمق للكلمة) بين البعد الإستراتيجي الذي لا يجوز الخلاف بشأنه من ناحية، مقابل الأبعاد التكتيكيّة التي تحمل الإختلاف أو حتّى الخلاف وعدم التوافق بشأنها.
تأخذ هذه الأبعاد الفاصلة أهميتها الإستراتيجية ليس من ذاتها (أي متن الخطاب) بل في أنّ الجميع شارك عن دراية وطواعيّة ودون أدنى إكراه في تحديد هذه الخيارات والموافقة إن لم التسليم بها.
رجوعًا إلى البرامج السياسية المعلنة وما صرّح به المرشّحون الثلاث أثناء الحملة الإنتخابيّة يمكن دون أدنى جهد أو عناء ملاحظة الإجماع بخصوص مواضيع مثل الهويّة وإستقلالية القرار السياسي دون أن ننسى وحدة التراب الوطني وأهميّة تأمين جميع الوسائل الضامنة لسلامة البلاد.
يبقى الإختلاف قائمًا وسيبقى بشأن الأمور التكتيكيّة أو هي الرؤى المختلفة عند تنفيذ المشاريع الإقتصاديّة مثلا.
تبقى الدولة الوطنيّة التي بشّر بها بيان الثورة لفاتح نوفمبر العظيم السقف الذي يستظلّ به الجميع، أي وحدة التراب الوطني ومناعة الدولة وإقامة الحقوق دون أن ننسى البعد الإجتماعي من تأمين الحياة الكريمة لجميع المواطنين دون إستثناء.