أكد وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب في حوار خص به -قنا- القطرية على متانة العلاقات التي تجمع الجزائر بدولة قطر في مختلف المجالات وخاصة في قطاع الطاقة والمناجم، متطلعا إلى تعزيز وتكثيف المشاريع المشتركة.
ووصف الوزير الجزائري في حوار مع وكالة الأنباء القطرية “قنا” الدورة السابعة لقمة منتدى رؤساء ورؤساء حكومات الدول المصدرة للغاز التي ستنعقد بالجزائر نهاية الشهر الجاري بـ”قمة التحديات الكبرى”، وذلك بالنظر إلى الظروف والمتغيرات الهامة على المستويين الإقليمي والدولي.
وقال عرقاب: “على المستوى الإقليمي، شهد قطاع الغاز متغيرات وأزمات في أوروبا والشرق الأوسط، وهذا أمر يفرض تحديات كبيرة في إدارة العرض والطلب”.
وأضاف المتحدث: “أما على المستوى الدولي، فستواجه القمة المرتقبة تحديات مثل تداعيات أزمة كورونا والتكيف مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ في ظل تزايد الضغوط على تعجيل الحوار حول أهداف انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من استعمال الطاقة الأحفورية”.
وأكد أن قضايا أمن الطاقة والتوترات الجيوسياسية ستأتي على رأس أولويات القمة، لافتا إلى أن جدول أعمالها يشير إلى أنها ستنظر في تحديات كبرى على المستويين الإقليمي والدولي.
ولفت وزير الطاقة والمناجم الجزائري إلى الدور المتزايد للغاز الطبيعي في المزيج الطاقي العالمي الأمر الذي يبرز أهمية عقد مناقشات مفصلة ودعم التعاون بين الدول المصدرة للغاز لضمان نجاح الانتقال الطاقي.
وأضاف: “يكتسب التعاون أهمية حيوية للتغلب على التحديات المشتركة، والاستفادة من الفرص المتاحة في سياق طاقي يتغير باستمرار، وبصفة عامة تعد الدورة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز فرصة حاسمة لمناقشة قضايا الطاقة الكبرى والعمل على إيجاد حلول وإجماع لمواجهة التحديات المعقدة في عالمنا الحالي”.
وشدد محمد عرقاب على أهمية الحدث الذي تحتضنه الجزائر، خاصة في ضوء نتائج المؤتمر الثامن والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي أوصت بالاستغناء عن الطاقات الأحفورية، بالإضافة إلى تزايد النقاشات حول التوقعات العالمية في مجال مصادر الطاقة في ظل التصاعد الناتج عن الأزمات الجيوسياسية الحديثة التي أبرزت أهمية الأمن الطاقي والدور المنوط بالغاز الطبيعي في المزيج الطاقي العالمي خلال العشرية القادمة.
وأشار إلى أن انعقاد القمة السابعة لرؤساء الدول والحكومات في منتدى الدول المصدرة للغاز في الجزائر يمثل حدثا استراتيجيا ذا أهمية قصوى في مجال الطاقة، للدور الهام الذي يلعبه الغاز الطبيعي الحلول الهائلة التي يقدمها لتحقيق انتقال طاقي ناجح نحو تكنولوجيات أقل تلويثا للبيئة.
وصرح وزير الطاقة: ” قامت السلطات الجزائرية بتوفير كافة الإمكانيات وهيأت كل الظروف اللازمة لجميع الوفود والمنظمات والهيئات الرسمية، بحيث نتوقع أن تكون النسخة السابعة من هذه القمة، “ناجحة على كل المستويات سواء التنظيم أو المشاركة القياسية”.
وحول أهم الملفات المطروحة على جدول أعمال قمة منتدى الدول المصدرة للغاز أوضح وزير الطاقة الجزائري أن تعزيز التعاون المشترك بين الدول المنتجة الرئيسية بهدف ضمان استقرار أسواق الغاز العالمية، ومواجهة التحديات التي قد تواجه الطلب على هذا المصدر الطاقي النظيف في المرحلة المقبلة، ستكون من أبرز الملفات ومحور اهتمام القمة.
وتابع: “ستكرس مناقشات القمة جل اهتماماتها لبحث آليات التعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة لضمان الأمن الطاقي العالمي، بحيث ستناقش أهمية تأمين العرض والطلب، وخدمة المصلحة المشتركة، عبر عقود تجارية طويلة الأجل وتعزيز الجهد المشترك في مجال الاستثمار والتمويل للمشاريع المستقبلية”.
وأضاف أنه من المسائل الرئيسية التي ستحظى باهتمام القمة المقبلة هو كيفية مواكبة الدول المنتجة للتحول العالمي نحو مصادر الطاقة المستدامة، وذلك بالتأكيد على الدور الإيجابي الذي سيلعبه الغاز الطبيعي في الانتقال الطاقي، إضافة إلى التأكيد على ضرورة حماية الأسواق العالمية للغاز من كل أنواع التدخلات والأطر التنظيمية التي من شأنها تغليب مصلحة طرف على آخر، مما سينتج عنه على المدى المتوسط والبعيد الإضرار باستقرار وتوازن الأسواق وأمنها.
وأردف محمد عرقاب أنه من أبرز مهام المنتدى هو تقريب وجهات النظر بين الدول الأعضاء حول التحديات والفرص.
وقال كذلك إنه من بين مؤشرات نجاح منتدى الدول المصدرة للغاز في تحقيق أهدافه هو العدد المتزايد من الدول المنتجة للغاز الطبيعي التي تسعى للانضمام إلى عضويته، لافتا إلى أن المنتدى بات محط اهتمام الدول صاحبة احتياطيات الغاز الهامة حول العالم، حيث تسعى العديد من الدول للحصول على صفة “مراقب” في عضوية المنتدى.
وأشار إلى أن دولا أخرى تقدمت بطلبات للانضمام إلى عضوية المنتدى الكاملة، وهو ما يعكس رغبة هذه الدول في الاستفادة من الفرص والمزايا التي يوفرها المنتدى لدوله الأعضاء.
وحول وضع منتدى الدول المصدرة للغاز مقارنة بالمنظمات الشبيهة على غرار منظمة الدول المصدرة للنفط /أوبك/ بين الوزير الجزائري أن الهدف من إنشاء منتدى الدول المصدرة للغاز هو خلق فضاء ملائم للتشاور والنقاش من أجل تعزيز وترقية مكانة الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي، كما يعمل كل الأعضاء في الارتقاء بالعمل المشترك والمتبادل؛ لإظهار الدور الإيجابي الذي سيلعبه الغاز في التنمية المستدامة والتشاور من أجل استقرار وتوازن الأسواق لخدمة مصلحة المنتجين والمستهلكين.
وردا على سؤال حول مستقبل الغاز كأحد أهم مصادر الطاقة وأبرزها في مجال الانتقال الطاقي، اعتبر عرقاب الغاز الطبيعي “مصدرا من مصادر الطاقة النظيفة والأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، وهذا بغية التحول التدريجي والمرن للانتقال الطاقي.
وأضاف: “كما تشير جميع الدراسات إلى أن الغاز الطبيعي سيستمر في لعب دور مهم في مزيج الطاقة العالمي لعدة عقود قادمة”. وفي هذا السياق ستسعى الجزائر إلى تعزيز الشراكة بين الدول من أجل الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالغاز، وذلك لتعزيز مكانتها والدور الذي يمكن أن تلعبه في إطار الحلول المستدامة للطاقة المستقبلية.
وأشار وزير الطاقة والمناجم الجزائري إلى المكانة التي تحتلها الجزائر بوصفها أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في قارة إفريقيا، وقال: “منذ نهاية الستينات، كانت الجزائر واحدة من رواد استكشاف الغاز الطبيعي، مضيفا بأن الجزائر تتمتع باحتياطيات غاز طبيعي لا بأس بها، إضافة إلى قدرتنا على استكشاف مصادر إضافية لتوسيع المخزون والاحتياط.
كما تولي الحكومة الجزائرية اهتماما بالغا لتنمية قطاع الغاز من خلال تطوير وتوسيع البنية التحتية لإنتاجه ونقله وإسالته، إذ تم رصد استثمارات كبيرة من أجل تطوير البنية التحتية للغاز، من خلال الخطة الخمسية 2023- 2028 حيث يخصص جزء كبير منها للاستكشاف والإنتاج، مما يضمن الرفع من الإنتاج لتلبية الطلب المحلي والمساهمة في تزويد السوق العالمية.
وفي نهاية حواره مع وكالة الأنباء القطرية “قنا”، أكد محمد عرقاب أن موقع الجزائر الجغرافي المتميز يجعلها مصدرا هاما لتوريد الغاز إلى أوروبا، لافتا إلى الميزة الاستراتيجية التي تتمتع بها كمصدر رئيسي لتزويد أوروبا بالغاز والتي تعد من المناطق الأكثر استهلاكا للغاز الطبيعي في العالم عبر خطوط أنابيب الغاز، إضافة إلى النقل عبر السفن
مونسي محمد أمين نائل