ستكون القضية الفلسطينية الفيصل في الانتخابات الأمريكية من خلال فرض نفسها على الديمقراطيين الأمريكان للتحرك،لإنقاذ مصيرهم في انتخابات نوفمبر المقبل خاصة في ظل تهديد ترامب العائد بقوة إلى الساحة السياسية الأمريكية.كما أن الطوارئ على مستوى الاتحاد الأوروبي وإدانتهم للكيان الصهيوني في همجيته،وعدوانيته على العزل الفلسطينيين،وطلب “جوزيب بوريل” مفوض السياسية الخارجية للاتحاد الـأوروبي المصادقة على مشروع قرار يفضي لحل الدولتين في القضية الفلسطينية كلها تحولات توحي بتغير الكثير من المعطيات التي خدمت الصهاينة لعقود طويلة.

ونجاح المقاومة في نقل الصراع الفلسطيني الصهيوني إلى صهيوني أمريكي عالمي سيكون له آثار مدمرة على داخل الكيان الصهيوني المتهالك.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية من إسقاط كل أقنعة الخيانة والتآمر،والمتاجرة بها،وفضح كل العملاء الموالين للكيان الصهيوني،والأمريكان على وجه الخصوص من خلال الانخراط في مخططات،ومؤامرات قصيرة وبعيدة المدى.وأكدت بأن القضية هي اكبر من أن تكون مساعدات إنسانية أو انقسام فلسطيني تم الترويج له عبر وسائل الدعاية الصهيونية الغربية منذ 2007.

وأظهرت عملية طوفان الأقصى أن الصهاينة لم يكونوا أبدا أقوياء،بل ضعف،ووهن العرب وتشتتهم وانقسامهم،وتطبيعهم مع الكيان الصهيوني هو ما جعل عصابة نتنياهو تظهر بمظهر القوة،وتعبث بحياة الفلسطينيين وحياتهم،ومستقبلهم،بل ومستقبل الوطن العربي،والعالم لأن تحدي الكيان الصهيوني لكل المنابر الإقليمية،والدولية،والقوانين والاتفاقيات الدولية،ضاربا بعرض الحائط كل دعوات التهدئة،ووقف إطلاق النار في مشهد جعل الرأي العام العالمي،وشعوب العالم تتحد ضد هذه البريرية والهمجية التي تكاد تكون استثناءا في حياة البشرية.

إن ما يحدث في غزة هو درس كبير،وقاس لكل دول العالم التي تفكر في تحدي الكيان الصهيوني،والولايات المتحدة الأمريكية لأن بشاعة المجازر هي رسالة بأن الوقوف في وجه الصهاينة سيكلفك دمارا شاملا،وسينتهي بك الأمر لتلقي المساعدات عبر الطائرات الأمريكية لتبقى حيا ترزق،وهو ما قد يفسر العجز الدولي في التدخل وحماية الفلسطينيين.ولكن الفلسطينيين ردوا بان ” المجاعة هي مجاعة النخوة والشهامة،وليس مجاعة الأكل،وهو ما زاد في احترام القضية وتوهجها”.

وتتساءل الشعوب العربية والإسلامية…” ماذا ينتظر العرب،والمسلمين لاستغلال الظروف التي يمر بها الداخل الصهيوني المتهالك لافتكاك حقوق فلسطين،هل كل ما يحدث لا يتطلب عقد الاجتماعات،واللقاءات لكيفية الاستفادة من تهالك،وتآكل الداخل الصهيوني،وتقوية المقاومة الفلسطينية،والضغط إقليميا،ودوليا للانتقال إلى مرحلة أخرى تفرضها التحولات،والمتغيرات التي تعرفها العلاقات الدولية.بما ينصف الفلسطينيين،ويضمن لهم حقوقهم التي استغلتها الكثيرين من الأنظمة،والدول الناشطة في مجال تجارة الحروب،والأزمات لتحقيق الكثير من المصالح الضيقة على حساب جثث الفلسطنيين،ومقدسات العرب والمسلمين،وحتى المسحيين.فالكواليس تثبت أن التطبيع أصبح مرجعا مهما لدعم الصهاينة،والتحالف سرا ضد المقاومة حيث تظهر التغطيات الإعلامية،والمواقف الباهتة،والاستئساد في التصريحات الإعلامية بتوجيه صهيوني،وأمريكي دقيق أمر واضح المعالم.

فالتطبيع المصري منذ نهاية السبعينات،والأردني (واد عربة ) في 1994،واتفاقيات أوسلو في ،1993 ،واتفاقيات أبراهم في 2021  كلها كانت خنجرا في ظهر المقاومة،تضاف للتآمر على معسكرات المقاومة – في الأردن في 1970/ولبنان في1982/1986 في حمام الشط بتونس- قبل أن تنقذها الجزائر وتدخلها إلى مدينة تبسه،وترد الجزائر باحتضان إعلان قيام الدولة الفلسطينية في نوفمبر 1988.

 

أكثر من 130 ألف شهيد ؟

 

ويُفوت العرب والمسلمين الذين دفعوا بشريا وماديا الكثير  في الصراع مع الصهاينة على الأقل منذ وعد بلفور المشئوم، فرصة مهمة جدا لفرض منطقهم والاتحاد من أجل كسر شوكة الصهاينة،وردعهم على الأقل بعد أن كشفت المقاومة بأبسط الوسائل والأدوات بان أسطورة الجيش الذي لا يقهر،وهم وخرافة،والغريب أن العرب،والمسلمين رضخوا للأمر الواقع وزادت التكاليف بعد 1948 تاريخ انطلاق عمليات الإبادة والتهجير ضد الفلسطينيين يتوقع الكثير من المختصين الصهاينة بان انفلاتا أمنيا كبيرا سيعرفه الداخل الصهيوني قد ينتهي باغتيالات،واستعمال السلاح بين المؤيدين لصهينة الدولة،وهذا نتيجة لمحاولات تمرير التعديلات القضائية وبين اليسار،والليبراليين المعارضين بشدة لهذه التعديلات التي ستكون غطاءا لفساد وشهوات طغمة نتنياهو التي عادت للسيطرة على الكنيست،وتوظيفه لتمرير مخططاتهم الانتقامية ضد الفلسطنيين،والسيطرة على الداخل الصهيوني بالحديد والنار.كما أن ردود الفعل الصهيونية بعد عملية طوفان الأقصى،وكيفية تعامل نتنياهو مع “كبينت” الحرب،ولعبه على وتر “بيني غانتس” ،والمتطرفين “بن غفير” و”ستموتريتش”،وتسييره للعلاقات مع واشنطن للحصول على السلاح ،وإسقاط كل مشاريع القرارات في مجلس الأمن المتعلقة بوقف العدوان على قطاع غزة،والضفة الغربية ،جعل العالم كله يتحد ضد الصهاينة،وما المسيرات المليونية التي عرفتها واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي كانت كلها مفيدة لفضح الكيان الصهيوني (تسبب في مقتل أكثر من 130 ألف فلسطيني منذ 1948/2024- 31 ألف في ال 6 أشهر الأخيرة،والإجهاز على أكثر من 500 بلدة أي أكثر من 200 ألف بيت فلسطيني تم تهديمه وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة )،وحشد الدعم للقضية الفلسطينية التي وجدت حاضنة شعبية عالمية أرجعتها إلى أولوية الأولويات في هذا النظام العالمي،حيث امتدت تأثيرات المقاومة الفلسطينية إلى لبنان واليمن،والبحر الأحمر وأروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليقف العالم،وخاصة الرأي العام العالمي على همجية عالمية محبوكة بطريقة ذكية في ظاهرها حضارة،وقيم وحقوق إنسان ،وباطنها نفاق وانحياز فاضح للكيان الصهيوني الذي أثبت أن العالم كله رهينة لشرذمة من 14 مليون صهيوني جعلت العالم كله في يدها بفعل توغلهم في مجال المال والأعمال،والاعلام،وبالتالي رهن إرادة وحرية الدول وتوجيه مواقفها بما يخدم همجية الصهاينة،كما أن تأثيرهم امتد إلى الانتخابات الأمريكية التي  ستجرى في نوفمبر 2024 حيث باتت بين نار الصهاينة،وضغوطات  الرأي العام العالمي لإيجاد حل للقضية الفلسطينية.

 

القضاء على 15 ألف صهيوني؟

 

لا يخفى على  احد أن تهالك وتآكل الداخل الصهيوني حيث باتت  يعود للمقاومة الفلسطينية التي تمكنت بفضل تطوير قدراتها الدفاعية،وانتقالها لمرحلة الردع،وتحقيق التوازن مع الجيش الصهيوني الذي كان يتخوف من خوض حروب طويلة المدى مع الفلسطنيين،فعملية طوفان الأقصى قلبت موازين القوى،والردع وتمكنت المقاومة حسب إحصائيات وسائل الإعلام الصهيونية أن عدد القتلى من الجيش الصهيوني تجاوز 15 ألف قتيل،مع تدمير 40 بالمائة من قوات المدرعات الصهيونية،كما أن انخراط حزب الله كشف أن العرب والمسلمين بإمكانهم القضاء على الكيان الصهيوني في وقت قياسي .

 

واستغل محور المقاومة هشاشة الأوضاع السياسية في الداخل الصهيوني  لأن توالي الانتخابات التشريعية الصهيونية أكثر من 4 انتخابات في 5 سنوات بسبب عدم التفاهم على تقاسم المصالح المغلفة بالتراثية المزيفة،والعنصرية المقيتة التي يقتات منها نتنياهو وأتباعه،وفشل ما يسمى الجيش الصهيوني في القضاء على المقاومة،وتجسيد خرافاته بان الجيش الصهيوني لا يقهر  ،بينما حالات العصيان والتمرد التي يعرفها اليوم يجعل الجميع يقطع الشك باليقين بان هذه الشرذمة التي استباحت فلسطين جاءت من أجل النهب،والقتل وضمان حياة رفاهية على حساب جثث الفلسطينيين،وفي أول اختلاف بينهم بات الكيان الصهيوني مجسما كارتونيا تذروه الرياح.

وتمكنت المقاومة بعد طوفان الأقصى من وقف  استباحة باحات المسجد الأقصى،والهيكل المزعوم،وحتى ين غفير أصبح كالجرذ لا يخرج من الجحر شانه شأن “يتشائيل سموتريتش” الذي قالت له المقاومة بان الضربة القادمة ستجدها عند باب بيتك،وعليه بتأكد العالم أن القضية الفلسطينية تتجاوز شهوات أحفاد القردة والخنازير،وأن من يقاتل عن العقيدة والشرف والكرامة ليس كمن يبيض صورته على حساب جثث الفلسطينيين،واختلاق أوهام بصيغة دينية باطلة،وإيديولوجيات نابعة من تزمت،وكبت الكثير من الحاقدين على العرب والمسلمين.

المقاومة الفلسطينية التي تساير  التهالك الصهيوني بطريقة ذكية جدا من خلال جر الليكود إلى حرب شاملة مع تحالف كبير،وتنسيق بين ساحات المعارك في الضفة الغربية الأخيرة التي أدخلت نتنياهو المستشفى سابقا بعد عدم تقبله سقوط الجيش الصهيوني على مسافة صفر من أطفال،وشبان المقاومة بطريقة زادت من انقسام،وتهالك الشتات الصهيوني،كما أن قضية وملف الأسرى الصهاينة وما يحدث اليوم أمام الكنيست وغلق طرق المطار ،والشوارع،والمقرات الرسمية زادت من متاعب نتنياهو وهي المؤشرات التي تدل على أن المقاومة في الطريق الصحيح،وأن الحتمية التاريخية كفيلة بإسقاط الصهاينة .

تدير علاقة الصهاينة بواشنطن؟

 

ودمرت المقاومة العلاقة المميزة بين واشنطن والكيان الصهيوني ،ما جعل واشنطن تجهز  على نتنياهو بالدفع ببيني غانتس،وتجنيد “آيير لابيد” زعيم المعارضة الصهيونية ورفع مستويات الضغط على اليمين المتطرف من خلال تحريض الرئيس الصهيوني “إسحاق هرتسوغ” على عزل نتنياهو من خلال رفض استقباله في واشنطن ،وكانت التصريحات كلها ضد الليكود،بسبب قضية التعديلات القضائية التي يحاول الصهاينة المتطرفين من تمريريها لعزل مختلف الأقليات التي جاءت لفلسطين المحتلة تحت سيناريوهات وهمية،وأكاذيب سرعان ما سقطت، وكذا كيفية إدارة اليوم التالي من الحرب على غزة ،ووجهت واشنطن عبارات وتهديدات جعلت نتنياهو يعيش حالة يأس كبيرة لأن بايدن الذي وجه التهالك الصهيوني لخدمة حملته الانتخابية بالتحالف مع اليسار الصهيوني،والليبراليين غير المتديين من أجل الرئاسيات الأمريكية،واكتشف أن اضعف حلقة هي الليكود المتصهين،وبقدر ما كان نتنياهو يتبجح بقوة الكيان المزعوم بأنه قوي بات اليوم طفلا صغيرا يتلقى التوبيخ،والإهانة من واشنطن،وبتدخل سافر من خلال دعوة الديمقراطيين الأمريكان الذين فرضوا الميناء العائم،وإنزال المساعدات الإنسانية عبر الطائرات والتحذير من الهجوم على رفح بعد أن ضغطوا كذلك لإلغاء التعديلات القضائية،وهو ما جعل نتنياهو يتحدث بان الصهاينة هم من يختارون،وليس واشنطن.

إن ما يعيشه الداخل الصهيوني هو نتيجة تراكمات كبيرة تدفعنا نحن العرب لتخلص من العقدة التي شكلها اللوبي الإعلامي الصهيوني من خلال تضخيم قدرات الصهاينة ،وزرع صور نمطية كان هدفها الأول زرع الرعب،والخوف لدى العرب والمسلمين،ولكن ما نقف عليه اليوم هو سقوط لإحدى أكبر الحملات الدعائية،والحروب النفسية التي سقطت على أسوار غزة ومخيمات جنين،وحي الشيخ جراح،وقبر شيرين أبو عاقلة.إن القضية كانت قضية ثبات وصير وعزيمة.

 

الجزائر ولبنان واليمن الاستثناء؟

 

قدمت الجزائر ولبنان واليمن صورة استثنائية عن تمسك العرب والمسلمين بالقضية الفلسطينية من خلال الانخراط بقوة في دعن الفلسطينيين منذ اليوم الأول من العدوان على قطاع غزة،والاعتداء على الضفة الغربية فالجزائر لم تترك بابا إلا وطرقته لحشد الرأي العام العالمي،والمبادة لمتابعة الكيان الصهيوني في المحاكم الدولية منذ نهاية نوفمبر أين احتضنت ندوة دولية دعت من خلالها متابعة الكيان الصهيوني في المحاكم الدولة وهو ما التقطته جنوب إفريقيا ونجحت في جر الصهاينة إلى لاهاي وإصدار قرارات تشدد على احترام الكرامة الإنسانية وتمكين الفلسطينيين من المساعدات،ومن وقف الإبادة في حقهم.

وتمن حزب الله في جنوب لبنان من دعم المقاومة عسكريا،وانخراطه في الحرب ضد الكيان الصهيوني وتدمير الكثير من بناه التحتية العسكرية وكسر شوكته في شن عدوان مثلما كان يفعل في وقت سابق.

وقام اليمن كذلك بغلق باب المندب والبحر الأحمر ،أمام السفن المتوجهة للكيان الصهيوني وتسبب في ضغط اقتصادي كبير جدا على الصهاينة والأمريكان،كان له الدور المهم في رفع مستويات الضغط على الصهاينة الذين باتوا على حافة الإفلاس بعد أن تسببت عملية طوفان الأقصى في خسائر اقتصادية بأكثر من 50 مليار دولار ،أكثر  ومازالت الخسائر تتوالى.

وبرزت الجزائر على مستوى مجلس الأمن الدولي من خلال تحريك النقاش،وتمرير الكثير من مشاريع القرارات الخاصة بوقف إطلاق النار ،ومنه تهجير الفلسطينيين،وتمكنت من خلال هذه التحركات حشد الرأي العام العالمي حول القضية وإسقاط أقنعة الخونة والمتآمرين.

شارك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *