نستطيع أن نؤكد أن العالم يحبس أنفاسه انتظارا لما ستسفر عنه اجتماعات القمة المرتقبة لمنتدى للدول المصدرة للغاز والتي تستضيفها دولة الجزائر غدا في دورته السابعة، حيث تسود توقعات بأن تكون هذه القمة نقطة تحول محورية في تاريخ صناعه الغاز في العالم بحيث تمثل لحظة فارقة في مسار المنتدى بعد 23 عاما من تأسيسه في ظل تزايد طلبات الانضمام للمنتدى الذي يضم 20 دولة تسيطر علي %70 من احتياجات الغاز العالمية، وتتحكم في 47 % من أنابيبه، و أكثر من %40 من النتاج المسوق ، وما يفوق نصف صادرات الغاز الطبيعي على مستوى العالم، وهو الحجم الذي يجعل القمة في مواجهة العديد من التحديات غير المسبوقة التي يمكن أن تؤدي الى إعادة تشكيل خارطة الطاقة العالمية.

والشك أن استضافة دولة الجزائر لهذه القمة بالذات إنما جاء في ظل تعاظم الدور الجزائري على الصعيد الدولي المستمد من تاريخها وقيمها وقدرتها على تقريب وجهات النظر لبناء أرضية توافق استراتيجي تجمع الدول الفاعلة في المنتدى يمكن من خلالها رسم خريطة العالقات بين كافة الفاعلين في ميدان الغاز منتجين ومستثمرين ومستهلكين.

في ظل أ جواء عالمية شديده الاحتقان جراء حروب مشتعلة بين روسيا وأوكرانيا وعلى أرض فلسطين المحتلة، وفي ظل التغيرات الجيوسياسية وتوتر الأوضاع في مضيق هرمز والبحر الحمر وفي ظل متغيرات كثيره تتعلق بمعدلات نمو الاقتصاد العالمي وتطور الاعتماد على الطاقة المتجددة وتغيرات الاستهلاك العالمي، لكل ما سبق يمكن أن نسمي هذه القمة قمة التحديات، و أول هذه التحديات هو كيفية تحقيق مساعي الدول الأعضاء لإنشاء منظمة  الدول المصدرة للغاز أو OGEC على غرار منظمة الد ول المصدرة للنفط أو OPEC تقوم بالدفاع عن مصالح الدول المصدرة للغاز بحيث يتحول المنتدى إلى منظمة دولي ة واسعة النطاق محددة الاختصاص ، تستطيع أ ن تضبط العالقة بين مصالح المنتجين والمستهلكين من خلال تحديد مستويات حقوق النتاج وعن طريق رسم استراتيجيات التسويق بالتوجه الى العقود طويله المدى.

. وال شك أن مصالح المنتجين تتمثل في الحفاظ على الحقوق السيادية للدول الأعضاء على مواردهم من الغاز الطبيعي، كما تتمثل في الحصول على السعر الذي يعوض تكاليف الاستخراج والنقل والاستثمارات، وهو السعر العادل والمنصف والحقيقي الذي يحقق استدامة معدلات انتاج الغاز الكافي والمتوافق مع معدلات النمو الاقتصاد العالمي، ولذلك فإن ن هذه القمة تواجه تحدي المحاولات الحثيثة لخفض أسعار الغاز بالاعتماد على الطاقة البديلة والمتجددة.

كما تواجه هذه القمة أيضا تحدي الحفاظ على حقوق المستهلكين في استقرار آمن للعرض والطلب في السواق العالمي ة للغاز الطبيعي ، بحيث يتم ت أمين امدادات الغاز مع استقرار السعار وتحديد سعر عادل للجميع مع حماي ة السواق من التقلبات.

ولعل أحد أبرز التحديات التي تواجه القمة أيضا هو كيفي ة ايجاد السبل الكفيلة بتصنيع الغاز من خلال دعم صناعات البتروكيماويات بما يؤدي الى زيادة القيمة المضافة بدال من تصدير الغاز الخام غير المصنع

. و أخيرا فإنه من المنتظر أن تشهد القمة تدشين مقر معهد أبحاث الغاز الذي تحتضنه الجزائر وتشرف عليه ليصبح الذراع العلمي ة والب حثي ة للمنظمة الوليدة، وينتظر أن تختتم القمة بإصدار اعالن الجزائر الذي يشمل إطلاق توقعات الطبقة الجديدة من توقعات الغاز العالمية ،2025 كما سيشهد المنتدى التوقيع على بروتوكولات اتفاق بين المنتدى و منظمات دولي ة واقليمي ة هامة. وفي النهاية ة يبدو السؤال ملحا: هل ستنجح قمة التحديات في تحقيق أهدافها المرتقب ة؟

والجواب هو ما سوف نراه ونسمعه مساء السبت القادم بعد التقاط الصورة التذكارية ، التي سوف تضم رؤساء وممثلي 20 دولة عضوا بمنتدى يسعى لفرض كلمته وتحقيق مصالح أعضائه.

 

شارك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *